yllix

*(ثواب الهداية والتعليم ، وفضلهما ، وفضل العلماء ، وذم اضلال الناس)* الجزء الرابع

*(حق العالم)*
الايات ، الكهف : قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا قال


إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على مالم تحط به خبرا قال ستجدني إن شاءالله


صابرا ولاأعصي لك أمرا قال فإن اتبعتني فلا تسئلني عن شئ حتى احدث لك منه ذكرا.


«إلى قوله تعالى» : إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني قدبلغت من لدني عذرا 76


أقول : يظهر من كيفية معاشرة موسى 7 مع هذا العالم الرباني وتعلمه منه أحكام


كثيرة : من آداب التعليم والتعلم ، من متابعة العالم ، وملازمته لطلب العلم ، وكيفية


____________________
(1) أى لم ينجح.
(2) الترقوة : مقدم الحلق في أعلى الصدر حيث يترقى فيه النفس.

 
طلبه منه هذاالامر مقرونا بغاية الادب ، مع كونه 7 من اولى العزم من الرسل ، و


عدم تكليفه أن يعلمه جميع علمه بل قال : « مماعلمت ، وتأديب المعلم للمتعلم ، وأخذ


العهد منه أولا ، وعدم معصية المتعلم للمعلم ، وعدم المبادرة إلى إنكار مايراه من المعلم ، 


والصبر على مالم يحط علمه به من ذلك ، وعدم المبادرة بالسؤال في الامور الغامضة ، و


عفو العالم عن زلة المتعلم في قوله : لاتؤاخذني بمانسيت ولا ترهقني(1) من أمري عسرا.


إلى غيرذلك مما لايخفى على المتدبر.


1 ـ لى : أبي ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن محمد بن زياد الازدي ، عن


أبان وغيره ، عن أبي عبدالله 7 قال : إني لارحم ثلاثة وحق لهم أن يرحموا : 


عزيز أصابته مذلة بعد العز ، وغني أصابته حاجة بعد الغنى ، وعالم يستخف به أهله و


الجهلة.


ل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن عبدالله بن


سنان ، عنه 7 مثله.


2 ـ لى : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن أبي الخطاب ، عن ابن محبوب ، عن


معاوية بن وهب ، قال : سمعت أباعبدالله الصادق 7 يقول : اطلبوا العلم وتزينوا معه


بالحلم والوقار ، وتواضعوا لمن تعلمونه العلم ، وتواضعوا لمن طلبتم منه العلم ، ولا تكونوا


علماء جبارين فيذهب باطلكم بحقكم.


3 ـ ب : هارون ، عن ابن صدقة ، عن جعفر ، عن آبائه : أن النبي 9 قال : 


ارحموا عزيزا ذل ، وغنيا افتقر ، وعالما ضاع في زمان جهال.


4 ـ ل : ابن المتوكل ، عن محمد العطار ، عن أحمد بن موسى بن عمر ، عن ابن فضال ، 


عمن ذكره ، عن أبي عبدالله 7 قال : ثلاثة يشكون إلى الله عزوجل : مسجد خراب


لايصلي فيه أهله ، وعالم بين جهال ، ومصحف معلق قد وقع عليه غبار لايقرافيه.


5 ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل الشيباني ، عن مسعر بن علي بن زياد المقري ، عن


جرير بن أحمد بن مالك الايادي ، قال : سمعت العباس بن المأمون يقول : قال لي علي بن


____________________
(1) أى لاتكلفنى

موسى الرضا 7 : ثلاثة موكل بها ثلاثة : تحامل الايام على ذوي الادوات الكاملة ، 


واستيلاء الحرمان على المتقدم في صنعته ، ومعاداة العوام على أهل المعرفة.


بيان : قال الفيروز آبادي : تحامل عليه : كلفه مالا يطيقه. والادوات الكاملة


كالعقل والعلم والسخاء من الكمالات التي هي وسائل السعادات ، أو الاعم منها ومما


هو من الكمالات الدنيوية كالمناصب والاموال ، أى يحمل الايام وأهلها عليهم فوق طاقتهم


ويلتمسون منهم من ذلك ما لا يطيقون ، ويحتمل أن يكون المراد جور الناس على أهل


الحق ومغلوبيتهم.


6 ـ ضه ، ل ، لى : ـ سيجيئ في خبر الحقوق عن علي بن الحسين 8 ـ : وحق


سائسك(1) بالعلم : التعظيم له ، والتوقير لمجلسه ، وحسن الاستماع إليه ، والاقبال عليه ، 


وأن لاترفع عليه صوتك ، ولا تجيب أحدا يسأله عن شئ حتى يكون هو الذي يجيب ، 


ولا تحدث في مجلسه أحدا ، ولا تغتاب عنده أحدا ، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء ، و


أن تستر عيوبه ، وتظهر مناقبه ، ولا تجالس له عدوا ، ولا تعادي له وليا ، فإذا فعلت


ذلك شهد لك ملائكة الله بأنك قصدته وتعلمت علمه لله جل اسمه لا للناس.


7 ـ ل ، مع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني


عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي : قال : قال رسول الله 9 : غريبتان


فاحتملوهما : كلمة حكمة من سفيه فاقبلوها ، وكلمة سفه من حكيم فاغفروها.
8 ـ ل : علي بن عبدالله الاسواري ، عن أحمد بن محمد بن قيس ، عن أبي يعقوب ، عن


علي بن خشرم ، عن عيسى ، عن أبي عبيدة ، عن محمد بن كعب قال : قال رسول الله 9 : 


إنما الخوف(2) على امتي من بعدي ثلاث خصال : أن يتأولوا القرآن على غير تأويله ، 


أو يتبعوا زلة العالم ، أو يظهر فيهم المال حتى يطغوا ويبطروا ، وسانبئكم المخرج من


ذلك : أما القرآن فاعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه ، وأما العالم فانتظروا فيئه(3)


ولا تتبعوا زلته ، وأما المال فإن المخرج منه شكر النعمة وأداء حقه


____________________
(1) أى مؤدبك.
(2) وفى نسخة : أتخوف.
(3) وفى نسخة : فئته.

9 ـ سن : أبي ، عن سليمان الجعفري ، عن رجل ، عن أبي عبدالله 7 قال : كان


علي 7 يقول : إن من حق العالم أن لا تكثر عليه السؤال ، ولاتجر بثوبه ، وإذا دخلت


عليه وعنده قوم فسلم عليهم جميعا ، وخصه بالتحية دونهم ، واجلس بين يديه ، ولاتجلس


خلفه ، ولا تغمز بعينيك ، ولا تشر بيدك ، ولا تكثر من قول قال فلان وقال فلان خلافا لقوله ،


ولا تضجر بطول صحبته ، فإنما مثل العالم مثل النخلة ينتظر بها متى يسقط عليك منها


شئ ، والعالم أعظم أجرامن الصائم القائم الغازي في سبيل الله ، وإذا مات العالم ثلم في


الاسلام ثلمة لايسدها شئ إلى يوم القيامة.


بيان : قوله 7 : ولا تجر بثوبه ، كناية عن الابرام في السؤال ، والمنع عن قيامه


عند تبرمه.


10 ـ سن : أبي ، عن سعدان(1) ، عن عبدالرحيم بن مسلم(2) ، عن إسحاق بن عمار


قال : قلت لابي عبدالله 7 : من قام من مجلسه تعظيما لرجل؟ قال : مكروه إلا لرجل 


في الدين.


11 ـ سن : بعض أصحابنا رفعه قال : قال أميرالمؤمنين 7 : إذا جلست إلى


العالم فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول ، وتعلم حسن الاستماع كما تعلم


حسن القول ، ولا تقطع على حديثه.


12 ـ شا : روى حارث الاعور ، قال : سمعت أميرالمؤمنين 7 يقول : من حق


العالم أن لايكثر عليه السؤال ، ولا يعنت في الجواب(3) ولا يلح عليه إذا كسل ، ولايؤخذ


بثوبه إذا نهض ، ولايشار إليه بيد في حاجة ، ولايفشى له سر ، ولايغتاب عنده أحد ، و


يعظم كما حفظ أمرالله ، ويجلس المتعلم أمامه ، ولايعرض من طول صحبته ، وإذا جاءه


طالب علم وغيره فوجده في جماعة عمهم بالسلام ، وخصه بالتحية ، وليحفظ شاهدا و


غائبا ، وليعرف له حقه ، فإن العالم أعظم أجرا من الصائم القائم المجاهد في سبيل الله ،


____________________
(1) هو سعدان بن مسلم المتقدم ذكره.
(2) البجلى الجريرى ، كوفى عده الشيخ من أصحاب الصادق 7.
(3) أى لايلزم العالم المتعلم مايصعب عليه أداؤه ، ويشق على المتعلم تحمله.

فإذا مات العالم ثلم في الاسلام ثلمة لايسدها إلا خلف منه ، وطالب العلم يستغفرله كل


الملائكة ، ويدعو له من في السماء والارض.


13 ـ غو : قال الصادق 7 : من أكرم فقيها مسلما لقى الله يوم القيامة وهو عنه


راض ، ومن أهان فقيها مسلما لقى الله يوم القيامة وهو عليه غضبان.


14 ـ وروي عن النبي 9 أنه قال : من علم شخصا(1) مسألة فقد ملك


رقبته. فقيل له : يارسول الله أيبيعه؟ فقال : لا ولكن يأمره وينهاه.


15 ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمد بن محمد بن معقل ، عن محمد بن الحسن بن


بنت إلياس ، عن أبيه ، عن الرضا ، عن آبائه : قال : قال رسول الله 9 : غريبان : 


كلمة حكمة من سفيه فاقبلوها ، وكلمة سفه من حكيم فاغفروها ، فإنه لا حكيم إلا


ذوعثرة ، ولاسفيه إلا ذوتجربة.(2)


16 ـالدرة الباهر : قال النبي 9 : ارحموا عزيز قوم ذل ، وغنى قوم افتقر ، و


عالما تتلاعب به الجهال.(3)


17 ـ نهج : قال أميرالمؤمنين 7 : لا تجعلن ذرب لسانك على من أنطقك ، و


بلاغة قولك على من سددك.


بيان : الذرابة : حدة اللسان ، والذرب محركة : فساد اللسان ، والغرض رعاية


حق المعلم ، وماذكره ابن أبي الحديد من أن المراد بمن أنطقه ومن سدده هوالله سبحانه


فلا يخفى بعده.


18 ـ كنز الكراجكى : قال أميرالمؤمنين 7 : لاتحقرن عبدا آتاه الله علما ، 


فإن الله لم يحقره حين آتاه إياه.


19 ـ عدة : روى عبدالله بن الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن جده : أنه قال : 


إن من حق المعلم على المتعلم أن لايكثر السؤال عليه ، ولايسبقه في الجواب ، ولايلح


عليه إذا أعرض ، ولا يأخذ بثوبه إذا كسل ، ولايشير إليه بيده ، ولا يغمزه بعينه ، ولا


____________________
(1) في نسخة : مسلما.
(2) تقدم الحديث باسناد آخر تحت الرقم 7.
(3) تقدم مسندا مع اختلاف تحت الرقم 3.

يشاور في مجلسه ، ولايطلب وراءه ، وأن لايقول : قال فلان خلاف قوله ، ولايفشي له


سرا ، ولايغتاب عنده ، وأن يحفظه شاهدا وغائبا ، ويعم القوم بالسلام ، ويخصه بالتحية ، 


ويجلس بين يديه ، وإن كان له حاجة سبق القوم إلى خدمته ، ولايمل من طول صحبته ، 


فإنما هو مثل النخلة تنتظر متى تسقط عليك منها منفعة ، والعالم بمنزلة الصائم المجاهد


في سبيل الله ، وإذا مات العالم انثلم(1) في الاسلام ثلمة لاتنسد إلى يوم القيامة ، وإن طالب


العلم يشيعه سبعون ألفا من مقربي السماء.


وقال ابن عباس : ذللت طالبا فعززت مطلوبا.
20 ـ وعن النبي 9 ليس من أخلاق المؤمن الملق إلا في طلب العلم.
(باب 11)
*(صفات العلماء وأصنافهم)*
الايات، الكهف : فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من


لدنا علما 65


الحج : وليعلم الذين اوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له


قلوبهم 54


فاطر : إنما يخشى الله من عباده العلماء 28
1 ـ ب : هارون ، عن ابن صدقة ، عن الصادق ، عن أبيه 8 أن النبي 9 قال : 


نعم وزير الايمان العلم ، ونعم وزير العلم الحلم. ونعم وزير الحلم الرفق : ونعم وزير


الرفق اللين.


بيان : الحلم والرفق واللين وإن كانت متقاربة في المعنى لكن بينها فرق يسير ، 


فالحلم هو ترك مكافاة من يسيئ إليك والسكوت في مقابلة من يسفه عليك ، ووزيره و


معينه : الرفق أى اللطف والشفقة والاحسان إلى العباد ، فإنه يوجب أن لا يسفه عليك


ولا يسيئ إليك أكثر الناس ، ووزيره ومعينه : لين الجانب وترك الخشونة والغلظة و


إضرار الخلق. وفي الكافي : ونعم وزير الرفق الصبر. وفي بعض نسخه : العبرة.


____________________
(1) كذافى النسخ

2 ـ ل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن الفارسي ، (1) عن


الجعفري ، عن أبيه ، عن الصادق ، عن آبائه ، عن علي : قال : قال رسول الله 9 : 


ماجمع شئ إلى شئ أفضل من حلم إلى علم.


لى : ابن شاذويه المؤدب ، عن محمد بن عبدالله بن جعفر ، عن أبيه ، عن هارون ، عن


ابن صدقة ، عن الصادق ، عن آبائه ، عن أميرالمؤمنين : مثله.


3 ـ ل : سليمان بن أحمد اللخمي ، عن عبدالوهاب بن خراجة ، عن أبي كريب ، عن


علي بن حفص العبسي ، عن الحسن بن الحسين العلوي ، عن أبيه الحسين بن زيد ، عن جعفر بن


محمد ، عن أبيه ، عن آبائه : قال : قال رسول الله 9 : والذي نفسي بيده ماجمع


شئ إلى شئ أفضل من حلم إلى علم.


4 ـ لى : ابن مسرور ، عن محمد الحميري ، عن أبيه ، عن محمد بن عبدالجبار ، 


عن محمد بن زياد الازدي ، عن أبان بن عثمان ، عن ابن تغلب(2) ، عن عكرمة ، عن ابن عباس


قال : سمعت أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب 7 يقول : طلبة هذا العلم على ثلاثة أصناف


ألا فاعرفوهم بصفاتهم وأعيانهم : صنف منهم يتعلمون للمراء والجهل(3) ، وصنف منهم


يتعلمون للاستطالة والختل ، وصنف منهم يتعلمون للفقه والعقل(4) ، فأما صاحب المراء


والجهل تراه مؤذيا مماريا للرجال في أندية المقال ، قد تسر بل بالتخشع ، وتخلى من


الورع ، فدق الله من هذا حيزومه ، وقطع منه خيشومه. وأما صاحب الاستطالة والختل


____________________
(1) هو الحسن بن أبى الحسين الفارسى كماصرح به في الفصل الرابع ، وعلى ماهو الموجود في


الخصال المطبوع. وفى نسخة من الخصال : الحسين بن الحسن الفارسى ، ولعله الصحيح وهو المترجم


في الفهرست ، قال الشيخ في الفهرست ص 55 : الحسين بن الحسن الفارسى القمى ، له كتاب ، أخبرنا


به عدة من أصحابنا ، عن أبى المفضل ، عن ابن بطة ، عن أحمد بن أبى عبدالله ، عن الحسين بن الحسن


الفارسى.


(2) وزان تضرب ، هو أبان بن تغلب بن رباح ، أبوسعيد البكرى الجريرى ، مولى بنى جرير


ابن عبادة بن صبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكاشة بن صعب بن بكربن وائل ، وجلالة قدره ووثاقته وتبحره


في العلوم مسلمة عند العامة والخاصة ، فمن شاء أزيد من هذا فليراجع إلى مظانه.


(3) وفى نسخة : يتعلمون العلم للمراء والجدال.
(4) وفى نسخة : العمل.

فإنه يستطيل على أشباهه من أشكاله ، ويتواضع للاغنياء من دونهم ، فهو لحلوائهم


هاضم ، ولدينه حاطم(1) ، فأعمى الله من هذا بصره ، وقطع من آثار العلماء أثره ، وأما


صاحب الفقه والعقل(2) تراه ذا كأبة وحزن ، قد قام الليل في حندسه وقد انحنى في


برنسه ، يعمل ويخشى ، خائفا وجلا من كل أحد إلا من كل ثقة من إخوانه ، فشدالله


من هذا أركانه ، وأعطاه يوم القيامة أمانه.


5 ـ ل : ابن المتوكل ، عن السعد آبادي ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، 


عن أبي الجارود ، عن سعيد بن علاقة ، قال : قال أميرالمؤمنين 7 : طلبة «إلى آخر الخبر»


وفيه : يتعلمون العلم للمراء.


بيان : روي في الكافي بأدنى تغيير بسند مرفوع عن أبي عبدالله 7.


والمراء : الجدال. والجهل : السفاهة وترك الحلم ، والختل بالفتح : الخدعة.


والاندية جمع النادي وهو مجتمع القوم ومجلسهم. والسربال : القميص ، وتسربل أى


لبس السربال. والتخشع : تكلف الخشوع وإظهاره ، وتخلا أى خلا جدا. قوله : فدق


الله من هذا أى بسبب كل واحدة من تلك الخصال ، ويحتمل أن تكون الاشارة إلى


الشخص فكلمة من تبعيضية. والحيزوم : ما استدار بالظهر والبطن ، أو ضلع الفؤاد ، أو


ما اكتنف بالحلقوم من جانب الصدر. والخيشوم : أقصى الانف. وهما كنايتان عن


إذلاله. وفي الكافي : فدق الله من هذا خيشومه وقطع منه حيزومه. والمراد بالثاني قطع


حياته. قوله : فهو لحلوائهم. أى لاطعمتهم اللذيذة. وفي بعض النسخ لحلوانهم أى لرشوتهم.


والحطم : الكسر. والاثر : ما يبقى في الارض عند المشى ، وقطع الاثر إما دعاء عليه


بالزمانة كما ذكره الجزري ، أو بالموت ولعله أظهر. والكآبة بالتحريك والمد و


بالتسكين : سوء الحال والانكار من شدة الهم والحزن ، والمراد حزن الآخرة. و


الحندس بالكسر : الظلمة. وقوله : في حندسه بدل من الليل ، ويحتمل أن يكون


«في» بمعنى «مع» ويكون حالا من الليل. وقوله 7 : قد انحنى للركوع والسجود كائنا


في برنسه. والبرنس : قلنسوة طويلة كان يلبسها النساك في صدر الاسلام كما ذكره


____________________
(1) كذا في النسخ ، والظاهر : لدينهم.
(2) وفى نسخة : والعمل.

الجوهري ، أو كل ثوب رأسه منه ملتزق به ، من دراعة أو جبة أو ممطر أو غيره كما ذكره


الجزري. وفي الكافي : قد تحنك في برسة. قوله يعمل ويخشى أى أن لايقبل منه. قوله


7 : فشدالله من هذا أركانه ، أى أعضاءه وجوارحه ، أو الاعم منها ومن عقله وفهمه و


دينه وأركان إيمانه ، والفرق بين الصنفين الاولين بأن الاول غرضه الجاه والتفوق بالعلم ، 


والثاني غرضه المال والترفع به ، أو الاول غرضه إظهار الفضل على العوام وإقبالهم إليه ، 


والثاني قرب السلاطين والتسلط على الناس بالمناصب الدنيوية.


6 ـ ل ، ن : أبي ، عن الكميداني(1) ، عن ابن عيسى ، عن البزنطي قال : قال


أبوالحسن 7 : من علامات الفقه الحلم والعلم والصمت ، إن الصمت باب من أبواب


الحكمة ، إن الصمت يكسب المحبة ، إنه دليل على كل خير. أقول : في ل : ثلاث من


علامات.


7 ـ ما : المفيد ، عن أبي حفص عمربن محمد ، عن علي بن مهرويه ، عن داود بن سليمان


الغازي ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن الحسين : قال : سمعت أميرالمؤمنين 7 يقول : 


الملوك حكام على الناس ، والعلم حاكم عليهم ، وحسبك من العلم أن تخشى الله ، وحسبك


من الجهل أن تعجب بعلمك.


بيان : حسبك من العلم أى من علامات حصوله ، وكذا الفقرة الثانية.
8 ـ مع : أبي ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن أبي سمينة ، عن محمد بن خالد ، عن بعض


رجاله ، عن داودالرقي ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر 7 قال : قال أميرالمؤمنين 7 : 


ألا أخبركم بالفقيه حقا؟ قالوا : بلى يا أميرالمؤمنين ، قال : من لم يقنط الناس من رحمة الله


ولم يؤمنهم من عذاب الله ، ولم يرخص لهم في معاصي الله ، ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى


____________________
(1) هو على بن موسى بن جعفر الكمندانى ، كان من العدة التى روى عنهم محمد بن يعقوب الكلينى ، 


عن أحمد بن محمد بن عيسى ، وروى الصدوق ، عن أبيه ، عنه. وهومن مشائخ الاجازة. والكمندان


اما بفتح الكاف والميم وسكون النون وفتح الدال المهملة على ماهو المنسوب إلى النجاشى. أو فتح


الكاف وكسرالميم وسكون الياء وفتح الدال المهملة أو المعجمة ـ وهى المشهورة اليوم ـ منسوب


إلى قرية من قرى قم.



غيره ، ألا لاخيرفي علم ليس فيه تفهم ، ألا لاخيرفي قراءة ليس فيها تدبر ، ألا لاخيرفي


عبادة ليس فيها تفقه.


9 ـ منية المريد : روى الحلبي في الصحيح ، عن أبي عبدالله 7 قال : قال


أميرالمؤمنين 7 : ألا اخبركم بالفقيه حق الفقيه ، من لم يقنط الناس « إلى قوله » : ألا


لاخيرفي عبادة ليس فيها تفكر.


10 ـ ل : العطار ، عن أبيه ، عن محمد بن أحمد ، عن ابن معروف ، عن ابن غزوان ، 


عن السكوني ، عن جعفربن محمد ، عن أبيه 8 قال : قال رسول الله 9 : صنفان من


امتي إذا صلحا صلحت امتي ، وإذا فسدا فسدت امتي ، قيل : يارسول الله ومن هما؟


قال : الفقهاء والامراء.


11 ـ ل : أبي ، عن محمد العطار ، عن محمدبن أحمد ، عن علي بن السندي ، عن محمدبن


عمروبن سعيد ، عن موسى بن أكيل(1) قال : سمعت أباعبدالله 7 يقول : لايكون الرجل


فقيها حتى لايبالي أى ثوبيه ابتذل؟ ، وبما سدفورة الجوع؟.


بيان : ابتذال الثوب : امتهانه وعدم صونه ، والبذلة : مايمتهن من الثياب ، و


المرادأن لايبالي أى ثوب لبس؟ سواء كان رفيعا أوخسيسا ، جديدا أوخلقا ، ويمكن أن


يقرأ ابتذل على البناء للمفعول ، أى لايبالي أى ثوب من أثوابه بلى وخلق؟. وفورة الجوع : 


غليانه وشدته.


12 ـ ل : العسكري ، عن أحمد بن محمد بن اسيد الاصفهاني ، عن أحمد بن يحيى


الصوفي ، عن أبي غسان ، عن مسعود بن سعد الجعفي ، ـ وكان من خيار من أدركنا ـ عن يزيد


ابن أبي زياد ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله 9 : أشد مايتخوف على


امتي ثلاثة : زلة عالم ، أو جدال منافق بالقرآن ، أو دينا تقطع رقابكم فاتهموها على


أنفسكم.


13 ـ ل : أحمد بن محمد بن عبدالرحمن المقري ، عن محمد بن جعفر المقري ، عن محمد بن


الحسن الموصلي ، عن محمد بن عاصم الطريفي ، عن عياش بن زيد بن الحسن ، عن يزيد بن


____________________
(1) قال النجاشى في رجاله ص 291 : موسى بن أكيل النميرى كوفى ، ثقة ، روى عن أبى عبدالله 


7. له كتاب يرويه جماعة.



الحسن قال : حدثني موسى بن جعفر ، عن أبيه الصادق جعفر بن محمد : قال : الناس على


أربعة أصناف : جاهل متردي معانق لهواه ، وعابد متقوي كلما ازداد عبادة ازداد كبرا ، 


وعالم يريد أن يوطأ عقباه ويحب محمدة الناس ، وعارف على طريق الحق يحب القيام به فهو


عاجز أومغلوب ، فهذا أمثل أهل زمانك وأرجحهم عقلا.


بيان : التردي : الهلاك ، والوقوع في المهالك التي يعسر التخلص منها كالمتردي


في البئر. وقوله 7 متقوي أى كثير القوة في العبادة ، أو غرضه من العبادة طلب القوة


والغلبة والعز ، أو من قوي كرضي إذا جاع شديدا. قوله 7 : فهو عاجز أى في بدنه ، 


أو مغلوب من السلاطين خائف. فهذا أمثل أى أفضل أهل زمانك.


14 ـ ل : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن أبي عبدالله الرازي ، 


عن ابن أبي عثمان ، عن أحمد بن عمر الحلال(1) ، عن يحيي بن عمران الحلبي ، قال : سمعت


أباعبدالله 7 يقول : سبعة يفسدون أعمالهم : الرجل الحليم ذوالعلم الكثير لايعرف


بذلك ولايذكر به ، والحكيم الذي يدبر ماله كل كاذب منكر لمايؤتي إليه ، والرجل


الذي يأمن ذا المكر والخيانة ، والسيد الفظ الذي لارحمة له ، والام التي لاتكتم عن


الولد السر وتفشي عليه ، والسريع إلى لائمة إخوانه ، والذي يجادل أخاه مخاصما له.


ايضاح : قوله لايعرف بذلك أى لاينشرعلمه ليعرف به. وقوله : منكر لمايؤتي


إليه : صفة للكاذب ، أى كلما يعطيه ينكره ولايقربه ، أو لا يعرف مااحسن إليه. قال


الفيروز آبادي : أتى إليه الشئ : ساقه إليه. وقوله : يأمن ذا المكر أى يكون آمنا منه


لايحترز من مكره وخيانته. قوله 7 : والذي يجادل أخاه أى في النسب أو في الدين.


____________________
(1) بفتح الحاء المهملة وتشديد اللام : بياع الشيرج وهو دهن السمسم ، أورده النجاشى في ص 72 من رجاله وقال : أحمد بن عمر الحلال يبيع الحل يعنى الشيرج ، روى عن الرضا 7 ، وله


عنه مسائل. وقال العلامة في القسم الاول من الخلاصة : أحمد بن على الحلال ـ بالحاء غير المعجمة


واللام المشددة ـ وكان يبيع الحل وهو الشيرج ثقة ، قاله الشيخ الطوسى ; وقال : انه كان


روى الاصل ، فعندى توقف في قبول روايته لقوله هذا ، وكان كوفيا أنماطيا من أصحاب الرضا


7.



فكل هؤلاء يفسدون مساعيهم وأعمالهم بترك متمماتها ، فالعالم بترك النشر يفسد علمه ، 


وذوالمال يفسدماله بترك الحزم ، وكذا الذي يأمن ذا المكر يفسد ماله ونفسه وعزه


ودينه. والسيد الفظ الغليظ يفسد سيادته ودولته أو إحسانه إلى الخلق والام تفسد


رأفتها ومساعيها بولدها وكذا الاخيران.


15 ـ ل : العطار ، عن أبيه وسعد ، عن البرقي ، عن ابن أبي عثمان ، عن موسى بن


بكر ، عن أبي الحسن الاول ، عن أبيه 8 قال : قال أميرالمؤمنين 7 : عشرة يعنتون


أنفسهم وغيرهم : ذوالعلم القليل يتكلف أن يعلم الناس كثيرا ، والرجل الحليم ذوالعلم الكثير


ليس بذى فطنة ، والذي يطلب مالايدرك ولاينبغي له ، والكاد غيرالمتئد ، والمتئد : الذى


ليس له مع تؤدته علم ، وعالم غيرمريد للصلاح ، ومريد للصلاح وليس بعالم ، والعالم

يحب الدنيا ، والرحيم بالناس يبخل بماعنده ، وطالب العلم يجادل فيه من هو أعلم

فإذا علمه لم يقبل منه.

توضيح : قال الفيروز آبادي : العنت محركة : الفساد والاثم والهلاك ودخول


المشقة على الانسان ، وأعنته غيره. قوله : ليس بذي فطنة أى حصل علما كثيرا لكن

ليس بذي فطانة وفهم يدرك حقائقها ، فهو ناقص في جميعها. والتؤدة : الرزانة والتأني ، 

والفعل : اتأد وتوأد. أى من يكد ويجد في تحصيل أمرلكن لابالتأني بل بالتسرع
وعدم التثبت ، فهؤلاء لايحصل لهم في سعيهم سوى العنت والمشقة.

16 ـ سن : أبي ، عن فضالة ، عن أبان بن عثمان ، عن الفضل بن عبدالملك ، عن

أبي عبدالله 7 قال : إن أباجعفر 7 سئل عن مسألة فأجاب فيها ، فقال الرجل : 

إن الفقهاء لايقولون هذا ، فقال له أبي : ويحك إن الفقيه : الزاهد في الدنيا ، الراغب

في الآخرة ، المتمسك بسنة النبي 9.
17 ـ سن : الوشاء ، عن مثنى بن الوليد ، عن أبي بصير ، قال : سمعت أباجعفر

7 يقول : كان في خطبة أبي ذر رحمة الله عليه : يا مبتغي العلم لا يشغلك أهل ومال عن

نفسك ، أنت يوم تفارقهم كضيف بت فيهم ثم غدوت عنهم إلى غيرهم ، الدنيا والآخرة

كمنزل تحولت منه إلى غيره ، وما بين الموت والبعث إلا كنومة نمتها ثم استيقظت

منها يا مبتغى العلم إن قلبا ليس فيه شئ من العلم كالبيت الخرب لاعامر له
بيان : لعل المراد بقوله : ما بين الموت والبعث أنه مع قطع النظر عن نعيم القبر

وعذابه فهو سريع الانقضاء ، وينتهي الامر إلى العذاب أو النعيم بغير حساب ، وإلا فعذاب

القبر ونعيمه متصلان بالدنيا ، فهذا كلام على التنزل(1) ، أو يكون هذا بالنظر إلى الملهو


عنهم لاجميع الخلق.

18 ـ مص : قال الصادق 7 : الخشية ميراث العلم ، والعلم شعاع المعرفة وقلب
الايمان ، ومن حرم الخشية لايكون عالما وإن شق الشعر في متشابهات العلم. قال الله

عزوجل : إنما يخشى الله من عباده العلماء. وآفة العلماء ثمانية أشياء : الطمع ، و


البخل ، والرياء ، والعصبية. وحب المدح ، والخوض فيما لم يصلوا إلى حقيقته ، 

والتكلف في تزيين الكلام بزوائد الالفاظ ، وقلة الحياء من الله ، والافتخار ، وترك

العمل بما علموا.

19 ـ قال عيسى بن مريم 7 : أشقى الناس من هو معروف عند الناس بعلمه

مجهول بعمله.

20 ـ قال النبى 9 : لاتجلسوا عند كل داع مدع يدعوكم من اليقين إلى الشك ، 

ومن الاخلاص إلى الرياء ، ومن التواضع إلى الكبر ، ومن النصيحة إلى العداوة ، ومن

الزهد إلى الرغبة. وتقربوا إلى عالم يدعوكم من الكبر إلى التواضع ، ومن الرياء إلى

إلاخلاص ، ومن الشك إلى اليقين ، ومن الرغبة إلى الزهد ، ومن العداوة إلى


النصيحة. ولا يصلح لموعظة الخلق إلا من خاف هذه الآفات بصدقه ، وأشرف على عيوب

الكلام ، وعرف الصحيح من السقيم وعلل الخواطر وفتن النفس والهوى.
__________________
(1) هذامنه ; عجيب فان كون الموت نوما والبعث كالانتباه عن النوم ليس مقصورا بكلام


أبى ذر ; ، والاخبار مستفيضة بذلك على ماسيأتى في ابواب البرزخ وسؤال القبر وغيرذلك ، 


بل المراد ان نسبة الموت والبرزخ إلى البعث كنسبة النوم إلى الانتباه بعده. وأعجب منه قوله

ثانيا : أو يكون هذا بالنظر إلى الملهو عنهم لا جميع الخلق ، فان ترك بعض الاموات ملهوا عنه مما

يستحيل عقلا ونقلا ، وما يشعر به من الروايات مؤول او مطروح البتة. 

21 ـ قال اميرالمؤمنين 7 كن كالطبيب الرفيق(1) الذي يدع الدواء
بحيث ينفع.

ايضاح : قوله 7 : العلم شعاع المعرفة أى هو نور شمس المعرفة ويحصل من

معرفته تعالى ، أو شعاع به يتضح معرفته تعالى ، والاخير أظهر. وقلب الايمان أى

أشرف أجزاء الايمان وشرائطه وبانتفائه ينتفي الايمان. قوله 7 : بصدقه إى خوفا

صادقا ، أو بسبب أنه صادق فيما يدعيه وفيما يعظ به الناس.

22 ـ شا : روى إسحاق بن منصور السكوني ، عن الحسن بن صالح قال : سمعت


أبا جعفر 7 يقول : ما شيب شئ أحسن من حلم بعلم.

23 ـ جا : الجعابي ، (2) عن ابن عقدة ، عن محمدبن أحمد بن خاقان ، عن سليم
الخادم ، عن إبراهيم بن عقبة ، عن جعفر بن محمد 8 قال : إن صاحب الدين فكر

فعلته السكينة ، واستكان فتواضع ، وقنع فاستغنى ، ورضي بما اعطى ، وانفرد فكفى

الاحزان ، ورفض الشهوات فصار حرا ، وخلع الدنيا فتحامى الشرور ، وطرح الحقد

فظهرت المحبة ، ولم يخف الناس فلم يخفهم ، ولم يذنب إليهم فسلم منهم ، وسخط نفسه

عن كل شئ ففاز واستكمل الفضل ، وأبصر العاقبة فآمن الندامة.

بيان : فكر أى في خساسة أصله ومعائب وعاقبة أمره ، أوفي الدنيا وفنائها

ومعائبها. فعلته أى غلبت عليه السكينة واطمئنان النفس وترك العلو والفساد وعدم

الانزعاج عن الشهوات. واستكان أى خضع وذلت نفسه ، وترك التكبر فتواضع عند الخالق

____________________
(1) وفى نسخة : الشفيق.
(2) بكسر الجيم وفتح العين المهملة نسبة إلى صنع الجعاب وبيعها ، وهى جمع الجعبة ، وهى

كنانة النبل ، هو محمد بن عمر بن محمد بن سالم بن البراء بن سبرة بن يسار التميمى ، أبوبكر

المعروف بالجعابى الحافط الكوفى القاضى ، كان من أساتيد الشيخ المفيد 1 ، ترجمه العامة

والخاصة في كتبهم مع اكباره والتصديق بفضله وتبحره وحفظه وتشيعه ، قال السمعانى في انسابه بعد


ما بالغ في الثناء على علمه وحفظه : وقال أبوعمر والقاسم بن جعفر الهاشمى : سمعت الجعابى يقول : أحفظ

أربعمائة ألف حديث واذاكر بستمائة ألف ، وكانت ولادته في صفر سنة 285 ومات ببغداد في النصف

من رجب سنة 344 انتهى. وله في رجال النجاشى وغيره ذكر جميل ولعلنا نشير اليه فيما يأتى.

والخلق ، وانفرد عن علائق الدنيا فارتفعت عنه أحزانه التي كانت تلزم لتحصيلها. قوله

7 : فتحامى الشرور أى اجتنبها ، قال الجوهري : تحاماه الناس أن توقوه واجتنبوه.

قوله : عن كل شئ « عن » للبدل ، أى بدلا عن سخط كل شئ ، ولايبعد أن يكون : وسخت

نفسه. بالتاء المنقوط فصحف منهم.

24 ـ جا : أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن ابن

مهزيار ، قال : أخبرني ابن إسحاق الخراساني ـ صاحب كان لنا ـ قال : كان أميرالمؤمنين

7 يقول : لا ترتابوا فتشكوا ، ولا تشكوا فتكفروا ، ولا ترخصوا لانفسكم فتدهنوا ، 

ولا تداهنوا في الحق فتخسروا ، وإن من الحزم أن تتفقهوا ، ومن الفقه أن لا تغتروا ، 

وإن أنصحكم لنفسه أطوعكم لربه ، وإن أغشكم لنفسه أعصاكم لربه ، من يطع الله

يأمن ويرشد ، ومن يعصه يخب ويندم ، واسألوا الله اليقين ، وارغبوا إليه في العافية ، و

خيرمادار في القلب اليقين ، أيها الناس إياكم والكذب ، فإن كل راج طالب وكل


خائف هارب.

بيان : لاترتابوا أى لا تتفكروا فيما هوسبب للريب من الشبهة ، أو لا ترخصوا


لانفسكم في الريب في بعض الاشياء فإنه ينتهي إلى الشك في الدين والشك فيه كفر. و


لا ترخصوا لانفسكم في ترك الامر بالمعروف والنهى عن المنكر ، أو مطلق الطاعات ، فينتهي


إلى المداهنة والمساهلة في الدين. ومن الفقه أن لا تغتروا أى بالعلم والعمل أو بالدنيا و


زهراتها. قوله 7 : إياكم والكذب أى في دعوى الخوف والرجاء بلا عمل فإن كل


راج يعمل لمايرجوه وكل خائف يهرب مما يخاف منه.

25 ـ ضه : قال رسول الله 9 : علماء هذه الامة رجلان : رجل آتاه الله علما

فطلب به وجه الله والدار الآخرة وبذله للناس ولم يأخذ عليه طمعا ولم يشتربه ثمنا قليلا ، 

فذلك يستغفر له من في البحور ، ودواب البحر والبر ، والطير في جو السماء ، ويقدم على


الله سيدا شريفا ، ورجل آتاه الله علما فبخل به على عباد الله ، وأخذ عليه طمعا ، واشترى

به ثمنا قليلا ، فذلك يلجم يوم القيامة بلجام من نار ، وينادي ملك من الملائكة على رؤوس

الاشهاد : هذا فلان بن فلان آتاه الله علما في دار الدنيا فبخل به على عباده ، حتى يفرغ

من الحساب.

منية المريد : عنه 9 مثله إلى قوله : فبخل به على عبادالله ، وأخذ عليه طمعا

واشترى به ثمنا ، وكذلك حتى يفرغ من الحساب.

26 ـ ختص : قال الرضا 7 : من علامات الفقه الحلم والعلم والصمت.
27 ـ ختص : فرات بن أحنف قال : قال أميرالمؤمنين 7 : تبذل لاتشهر ، 

و؟؟ شخصك لا تذكر ، وتعلم واكتم ، واصمت تسلم ، قال : وأومأ بيده إلى صدره فقال : 
يسر الابرار ، ويغيظ الفجار.

بيان : قال الجزري : في حديث الاستسقاء : فخرج متبذلا التبذل : ترك التزين ، 

والتهيؤ بالهيئة الحسنة الجميلة على جهة التواضع انتهى. أقول : يحتمل هنا معنى آخر
بأن يكون المراد ابتذال النفس بالخدمة ، وارتكاب خسائس الاعمال ، والايماء إلى الصدر

لبيان تعيين الفرد الكامل من الابرار.

28 ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن عبدالرزاق بن سليمان ، عن الفضل بن المفضل

ابن قيس ، عن حماد بن عيسى ، عن ابن اذينة ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس ، 
عن علي بن أبي طالب 7 قال : قال رسول الله 9 : من فقه الرجل قلة كلامه فيما
لا يعينه.

29 ـ ما : الحسين بن إبراهيم القزويني ، عن محمد بن وهبان ، عن أحمد بن إبراهيم ، 

عن الحسن بن علي الزعفراني ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، 

عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله 7 قال : إن أعظم الناس حسرة يوم القيامة من وصف


عدلا ثم خالفه إلى غيره.


بيان : أى بين للناس خيرا ولم يعمل به ، أو قبل دينا حقا وأظهره ولم يعمل

بمقتضاه.

30 ـ نوادر الراوندي : بإسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه : قال : قال

رسول الله 9 : يبعث الله المقنطين يوم القيامة مغلبة وجوههم يعني غلبة السواد على البياض

فيقال لهم : هؤلاء : المقنطون من رحمة الله.
31 ـ ما : ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن محمد بن عيسى الضرير ، عن محمد بن زكريا

المكي ، عن كثير بن طارق ، عن زيد ، عن أبيه علي بن الحسين 8 قال : سئل علي بن

أبي طالب 7 : من أفصح الناس؟ قال : المجيب المسكت عند بديهة السؤال.
32 ـ نهج : قال أميرالمؤمنين 7 في كلام له : والناس منقوصون مدخولون

إلا من عصم الله ، سائلهم متعنت ، ومجيبهم متكلف ، يكاد أفضلهم رأيا يرده عن فضل

رأيه الرضاء والسخط ، ويكاد أصلبهم عودا تنكاه اللحظة وتستحيله الكلمة الواحدة.

33 ـ وقال 7 : من نصب نفسه للناس إماما فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه قبل

تعليم غيره ، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه ، ومعلم نفسه ومؤد بها أحق

بالاجلال من معلم الناس ومؤدبهم.

34 ـ وقال 7 : الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله ، ولم يؤيسهم

من روح الله ، ولم يؤمنهم من مكرالله.

35 ـ وقال 7 : إن أوضع العلم ما وقف على اللسان ، وأرفعه ماظهر في

الجوارح والاركان.

36 ـ وقال 7 : إن من أحب عباد الله إليه عبدا أعانه الله على نفسه فاستشعر

الحزن ، وتجلبب الخوف ، فزهر مصباح الهدى في قلبه ، وأعد القرى ليومه النازل به ،

فقرب على نفسه البعيد ، وهون الشديد ، نظر فأبصر ، وذكر فاستكثر ، وارتوى من عذب
فرات سهلت له موارده ، فشرب نهلا ، (1) وسلك سبيلا جددا ، قدخلع سرابيل الشهوات ، 
وتخلى من الهموم إلا هما واحدا انفرد به ، فخرج من صفة العمى ومشاركة أهل الهوى ، 

وصار من مفاتيح أبواب الهدى ، ومغاليق أبواب الردى ، قد أبصر طريقه ، وسلك سبيله ، 

وعرف مناره ، وقطع غماره ، واستمسك من العرى بأوثقها ، ومن الحبال بأمتنها ، فهو من

اليقين على مثل ضوء الشمس ، قد نصب نفسه لله سبحانه في أرفع الامور من إصدار كل

وارد عليه ، وتصيير كل فرع إلى أصله ، مصباح ظلمات ، كشاف عشوات ، (4) مفتاح مبهمات ،
____________________
(1) بفتح النون والهاء.
(2) الجدد بفتح الجيم والدال : الارض الغليظة المستوية.
(3) وهو هم الاخرة ، ومايطلب منه الرب تعالى ، وما يوجب سعادته أو شقاوته.
(4) أى ظلمات.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق